بعضُ الكلماتِ حياة بقلم د. رضا الزاوي



كانت قد قاربت العاشرة مساءَ يومٍ ممطرٍ في أوائل فصل الشتاء.. منتظراً حتى يدفأ الغطاء بدفء أنفاسي وما تجود به المدفأة العتيقة حتى أغط في نومٍ عميقٍ بعد يومٍ شاقٍ مستقبلاً يوماً أشد ضراوة في دروب العمل ..


في نفس الوقت أضاء الجوال على إثر إشعارٍ من إشعارات الواتس آب.. تلك الرنة المصحوبة بهزتين خفيفتين قد حرَّكا أركان السرير في ذاك الليل الصامت والساكن أيضاً.. 

ترددت قبل أن أخرج يدي من دفء الغطاء لأتلقط الجوال من أعلى حافة السرير لأجد رسالة هي عبارة عن كلمة واحدة فقط .. "مفتقداك".. 

تأكدت مراراً من اسم المرسل ورقم الهاتف.. وفجأة تحول البرد القارص إلى حرارة سرت في جسدي كله وانتشرت في الفراغ المحيط.. فعليأ أطفأت المدفئة.. أيعقل أن تكون هي؟! نعم إنها هي..

تلك المرأة التى حافظت على ثباتها الإنفعالي ورباطة جأشها طوال أشهر أمام سيل كلماتي المنمقة أحياناً والجريئة أحياناً لدرجة أنها لم تكن تضحك أبداً رغم حسي الدُّعابي في الحوار.. 

"ما علينا".. قلتها قاطعاً أفكاري المتواترة.. المهم أنها أخيراً تكلمت.. انتظرت لحظات حتى هدأت فرائسي من وقع الكلمة وهممت بالرد.. لم أجد ما اقول إلا كلمة "وأنا أيضاً"..

كنت أعلم أنها تحب قليل الكلام كما أنها تحب اللغة العربية..

ضحكت أخيراً.. ورغم أني لم أسمع ضحكتها إلا أنني صرت ملبوساً.. قد سمعت الضحكة ورأيتها أيضاً من خلال تلك الحروف المكررة من حرف الهاء وأيقونة الابتسامة..

لأول مرة أصبح زاهداً في التحدث معها.. أريد النوم بسرعة.. فأنا على يقين بأنني سوف أراها في المنام.. وقد كان.. حتى صحوت أردد قول الشاعر:

جاءت مُعذبتي في غَيْهَب الغسقِ.. كأنها الكوكبُ الدريُّ في الأفقِ.. 


يا لروعة الكلمة حينما تأتي في الوقت المناسب.. وقت اللهفة.. وقت الحاجة..

لا أدري ما الأجمل.. أهي الكلمة؟ أم التوقيت؟ أم المفاجأة؟

لالا.. صاحبة الكلمة هي الأجمل.. هي الأجمل….

1 تعليقات

أحدث أقدم