المرونة في الحفاظ على تمدرس الطلاب، والحرص على سلامة المعلمين، وأمن المجتمعات المحلية
رهان وزارة التربية الوطنية في الموسم الدراسي 2020-2021
فاطمة سهلي –طنجة المغرب
اعتمدت وزارة التربية الوطنية مع بدء العام الدراسي الجديد، آلية التعليم عن بُعد، قرار الوزارة باعتماد التعليم عن بُعد ليس قرارها وحدها، بل كان إجماعاً من لجنة تضم وزارات الصحة، وتقنية المعلومات، والموارد البشرية
والحقيقة أن هذا الظرف الاستثنائي فرض إجراءات لم تكن في الحسبان، لكنه أيضاً منحنا فرصة كبيرة للمراجعة وإعادة التفكير في كثير مما كان يعتبر من المسلمات، ومنها نظام التعليم
ولا شك بان وزارة التعليم تدرك أهمية الحضور الفعلي للطلبة في الفصول الدراسية، ولكن من الذي سيخاطر بإرسال أطفاله إلى المدرسة ليواجهوا قدرهم، ويختبرون حسن حظهم بالسلامة..
ان خطر عدم ذهاب الطلبة للمدارس أكبر من خطر ذهابهم، لأن الإصابات بفيروس كورونا بين الأطفال قليلة، ولأن تفويتهم للدروس سيضرهم نفسياً وذهنياً.
والنسبة الضئيلة لاصابة الأطفال بفيروس «كوفيد - 19» لا تعني أن الإصابة مستحيلة، ناهيك عن قدرتهم على نقل الفيروس إلى بيوتهم. كما انه من الوارد حصول الضرر النفسي والذهني جراء عدم تلقي التعليم من الناحية التربوية ، خاصة في الصفوف الأولية، لكن هذا الأمر ليس عاماً، بل يتوقف كلية على كيفية التعاطي مع هذه القضية، في ظل هذا الظرف الاستثنائي
الأسابيع القليلة القادمة تمثل بداية العام الدراسي 2020-2021 لذلك فإن المدارس تقرراعادة فتحها بحلول شهرسبتمبر. وهذا العام، فان سلامة الطلاب والمعلمين في مواجهة تفشي فيروس كورونا تتصدر الأولويات. وتجمع السياسات والتدخلات على توحيد القوى لتجنب زيادة العدوى. ومن بين هذه التدابير إعادة الفتح على المستويات الوطنية و المحلية و إعادة الفصول تدريجياً مع تطبيق فحص درجة الحرارة ومتطلبات الابتعاد الاجتماعي وتوفير معدات الحماية الشخصية للمعلمين والمتمدرسين في الفصول الدراسية
إن إيجاد التوازن بين التعلم والسلامة أمر صعب. وبعض البلدان تبدأ السنة الدراسية معتمدة فقط على التعلم عن بعد؛ أو استخدامه كمكمل للتعلم المباشر بالنسبة للطلاب في جميع أنحاء العالم، فجائحة كورونا بالفعل غيرت الطريقة التي يتعلمون بها وأين يتعلمون. ويبدو أن المرونة هي الأساس لأي استراتيجية لإعادة فتح المدارس كذلك حال المملكة المغربية وحرصا منها على سلامة المتمدرسين والمعلمين : فان إعادة فتح المدارس بحذر، والاستعداد للانغلاق مرة أخرى إذا تجدد تفشي الجائحة امر وارد وهذا ليس بالأمر السهل في نظام تعليمي غارق تاريخيا في التقاليد والصلابة. ولكن لتحقيق التوازن بين السلامة والتعلم، كان النهج الأكثر فعالية هو التزاوج بين التعليم المادي والتعليم عن بعد، مما يسمح بالتبديل بين الاثنين مع الحد الأدنى من الاضطرابات
قرار إعادة فتح المدارس هو قرار معقد للغاية، وغالبا ما يضع صناع السياسات وإداراة المدارس والآباء والمعلمين في مناقشات حامية الوطيس حول الفرص الضائعة والسيطرة على المخاطر. كما وضعت صحة الطفل وصحة المجتمع المحلي أيضاً في الصدارة ، إلى جانب العواقب الطويلة الأجل على صحة الأطفال رفاهتهم وخسائرهم في التعلم، وتفاقم أوجه عدم المساواة التي تضر بأضعف الفئات وأكثرها حرماناً. كما أن المشاورات مع المعلمين والآباء والطلاب والمجتمعات المحلية مهمة لضمان أن يكون القرار محدداً في سياقه الخاص وأن يكون مستنيراً أو مصمماً حسب شواغل واقتراحات الجهات الفاعلة الرئيسية.
وكمقياس للتخفيف من أثر إغلاق المدارس على التعلم، ولدعم أعداد الطلاب فيها، ومع استئناف النظم التعليمية أو بدء سنة دراسية جديدة، يخطط العديد منهم لمواصلة هذا الوضع، إما حصراً أو كإجراء تكميلي يدعم أحجام الفصول الصغيرة والتواجد المادي الأقل في الفصول الدراسية.
فإن التعلم عن بعد يطرح تحديات كثيرة في التنفيذ وقياس فعاليته وفي الوصول إلى الأطفال المحرومين. لذا ليس من المستغرب أن تكثر التفاوتات في الانتظام وفي الجودة والطلاب الذين أغلقت مدارسهم ليس لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت
ولمعالجة هذه الثغرات، لابد من اختيار نُهج متعدد الوسائط يشمل التكنولوجيا العالية، والتكنولوجيات المنخفضة و التقليدية القائمة على النشر الورقي. لزيادة إمكانية الوصول
ولاجل الحفاظ على مشاركة الطلاب، وصحة المعلمين، وأمن المجتمعات المحلية بالإضافة إلى الأطفال ينبغي اتخاذ تدابير للحفاظ على سلامة المعلمين وموظفي المدارس. أولاً، ومن المهم تحديد عدد الحالات التي قد تتعرض لاحتمالية وخطورالإصابة بمرض خطير إذا ما تمت الإصابة بفيروس كورونا. لذلك سيكون المعلمون أكثر عرضة للخطر إذا مرضوا. كما يتعين على نظم التعليم أن تخطط لما يلي:
1) كيفية الاستجابة لنقص المعلمين، إما إذا مرضوا أو إذا كانت هناك حاجة إلى المزيد للامتثال لأحجام الفصول الأصغر
2) التغطية الطبية للمعلمين وتغطية إجازتهم المرضية
فقد كشفت أزمة فيروس كورونا عن نقاط الضعف، حيث يؤدي في بعض الأحيان عدم وجود تهوية مناسبة وركود الهواء داخل الحجرات الدراسية إلى خلق فرص لانتشار الفيروس. ومن بين التدابير التي يمكن أن تنظر فيها الوزارة تعزيز التهوية السليمة، وتوفير مرافق لغسل اليدين وغير ذلك من تدابير التعقيم داخل المباني المدرسية وتثقيف الناس على استخدامها، فضلا عن وضع توجيهات واضحة بشأن ما إذا كان يلزم استخدام معدات الحماية الشخصية والظروف التي ستنشأ فيها
ويعتبر مساراستمرارية التعلم كمين باعتماد المرونة لانها هي المفتاح للتخفيف من فقدان التعلم
وتعتبر عودة الطلاب إلى الفصول الدراسية المادية على نطاق شامل لا تزال استثناء وليس القاعدة
وغياب التلاميد عن الفصول الدراسية سيكون له أثر ضار على تحصيل الطلاب في المدارس وتعلمهم، وعلى تراكم رأس المال البشري
ومع أن الوزارة بذلت جهوداً كبيرة للخروج من العام الدراسي الماضي بأفضل ما يمكن من مخرجات،
فان تحسين جودة تاسيس المنصة الجديدة تعد لبنة اساسية لبنية تحتية في التعليم الإلكتروني، اعداد هذه المنصة لتكون فصلاً دراسياً افتراضياً لطلبة التعليم العام ، وكأنهم في مدرسة تفاعلية. لأن تجربة الفصل الدراسي الثاني مع بداية الجائحة كان يشوبها عدم الاستقرار ومستجدات كثيرة متلاحقة، لأننا انتقلنا، بمعنى الكلمة، بين يوم وليلة، إلى نظام تعليمي مختلف.
وهذا النظام يُعاد تقييمه بناء على مستجدات إنتاج اللقاح، وحتى تتحول هذه المنصة الجديدة لأن تكون باكورة البنية التحتية للتعليم المدمج؛ الفعلي والافتراضي، حتى إن وجد اللقاح الآمن والفعّال، ما من بد في أن تكون التقنية إحدى أهم أدوات التعليم الحديث.
لكن أحد الموضوعات الشائكة الذي أصبح الشغل الشاغل بين أولياء الأمور من ناحية، والوزارة من ناحية أخرى، في الفترة الراهنة، هي رسوم المدارس الخاصة. والقصة أن الأسر تطالب الوزارة بالتدخل لإجبار المدارس على تخفيض رسومها الدراسية، كون التعليم عن بعد يوفر على صاحب المدرسة، وهو هنا المستثمر، التكلفة التشغيلية. الوزارة بدورها ترد أن هذا الأمر ليس من شأنها، لأن العلاقة بين المدرسة وولي الأمر علاقة تعاقدية بناء على العرض والطلب. الخلاف قانوني، لكنه يؤكد على أهمية النصوص التنظيمية من حيث تفسيرها وظروف نشوئها
ويكمن دور الوزارة في مراقبة رفع الرسوم، بحيث يتم ذلك بعلمها وموافقتها بعد دراسة الحالة، ولا علاقة قانونية تلزمها تخفيض الرسوم الأصلية، وإلا سينسحب كثير من المستثمرين من هذا القطاع، خاصة المدارس المتميزة ذات المخرجات النوعية
والواقع أن كثيراً من المدارس بادرت بتخفيض رسومها بشكل ملحوظ من دون تدخل من الوزارة، هذا يدل على أن المستثمر يهمه العميل الطالب بالدرجةالأولى، ويخشى من انسحابه إلى مدرسة حكومية
نتمنى من الله العلي القدير ان يكف عن ابنائنا وبلدنا هذا الوباء وان تندحر هذه الجائحة حتى تامن البلاد والعباد .