عند غروب الشمس وهم يلعبون بأكياس الأتربة التي يصنعونها صواريخ ترابية ثم يقذفونها في الجو معبرين عن سعادتهم البدائية.. يهرولون وراء بعضهم في المساحات الخضراء ليعبروا نافذة البريخ وهم يضحكون فوقع أحدُهم في النافذة السفلية.. توقفوا عن اللعب ملتفتين حولهم لم يجدوه.. تحجرت أفكارُهم ناظرين فيها لم يرَوا شيئاً سوى أكوام الظلام المتراكمة فوق عين الماء.. صاح أحدُهم أم الشخاليل خدت عبد العاطى.. فهرع إلى البيت أفزع الناس بصرخاته التي تمزق الأفئدة.. جاء إليه أبوه متسائلاً فين أخوك ؟! ..ولدى.. ولدى فأرسل إلى الشيخ مفتاح ساكن الكوخ القديم.. حضر في موكب من الرجال مرشرشاً الماء المملح حول قوالبه الأسمنتية معكراً الجو بدخان البخور الذي يكشف المستور.. يتطلع الحاضرون إلى السماء بخيوط الآمال الدانية ويستمعون إلى تعويذات الشيخ مفتاح.. نطق أحد الواقفين: أم الشخاليل عشقتْ عبد العاطي.. صمتوا جميعاً بينما أمه تصرخ عالياً ضاربة على خديها راجية أن تعيده لها.. سمع أبوه زمجرة الماء محملقاً في النافذة ، رآهُ جالساً بين المياه يناديه عبد العاطي.. صك أذنيه الصوت فهب مفزوعاً متسلقاً الحوائط ,ماسكاً بيده قطعة الحجارة التي يرجم بها النافذة حتى أمتلأتْ ثم هدأت أنفاسه المتلاحقة فأسنده ظهره إلى جذع النخلة ضاحكاً بسخرية أنا قتلت أم الشخاليل.. نظروا إليه وهم يتهامسون تاركين له حاجاته المبعثرة ...